هذه الفكرة تراودني منذ سنوات، فبعد تجربة مجتمع Hsoub I/O (Arabia I/O) سابقًا، والتي لا أستطيع الحكم عليها بأن كانت ناجحة أو فاشلة تجاريًا، ولكن حسب ما رأيت فإن المجتمع كان ناجحًا في الفكرة عامة، فقد نجح المجتمع في تجميع أكبر عدد من التقنيين في المنطقة العربية من جميع الأرجاء، ليس ذلك فحسب، بل وصلت النقاشات في بعض الأحيان لمئات من التعليقات والمساهمات النادر وجودها على شبكات التواصل الاجتماعي بمثل هذه الدقة والاحترافية، سأحاول في هذه التدوينة اكتب عن الأفكار التي في خاطري ربما تكون شعلة البداية لأي شيء.
هل تعلم:
لا يوجد أي مجتمع عربي (رقمي) للتقنيين فقط حاليًا
هل كانت هناك محاولات في آخر 5 سنوات من أي شخص؟ لا أعرف، يمكنك تزويدي بالإجابة في التعليقات أدناه
حسنًا لماذا نحتاج إلى مجتمع رقمي للتقنيين العرب؟
الإجابة طويلة ولكن سأبدأ بالأهم وحسب فهمي لإدارة المجتمعات الرقمية سابقًا
التخصيص، ضع أي عدد لا نهائي من الخطوط حول هذه الكلمة ومعناها، تخيّل أن تدخل لمجتمع رقمي لا تجد فيه أي شيء سوى النقاشات التقنية فقط؟ لا كورة قدم، لا نقاشات سياسية أو دينية؟، تخيّل مدى التركيز وتعزيز المجهودات ونتائجها على باقي المبتدئين في أي مجال تقني، أو حتى من بدأوا ومتعثرين في خطوة ما؟، التخصيص سيساعد على الاحترام، على الإلتزام، على الخوف من الهبد أو الهري، فالكل يعرف أن هنا يوجد خبراء لا ولن يسمحوا بذلك. ونفس الأمر بالعكس أن كان هناك خبيرًا وهبد هبدة ما سيجد من يصحح له المعلومة أو على أقل تقدير سنجد اثراء للنقاش دون تخطى حدود الأدب وقواعد السلوك في النقاشات، سأترك لك العنان لتتخيّل أن هذا النقاش سيحدث على تويتر اللعين مثلًا؟ كيف ستكون قواعد السلوك والأداب العامة في النقاش؟
محاربة جلد الذات، كم مرة يوميًا أو أسبوعيًا، تجد مقارنات مضللة حول مستوانا في أي مجال تقني ومستوى الغرب؟ لا بأس أعرف الإجابة مسبقًا بحكم أن لي سوابق في جلد الذات، وقد تخطيتها، جلد الذات مصيبته الكبرى أنه لا يؤثر على فرد بعينه بل على المجتمع بأكمله، تجد الآن ملايين من الشباب العربي لا يعترف بأي مجهودات عربية لعرب في المجالات التقنية، وبالكاد نلاحظ ذلك على قلة قليلة صنعت شيء (معجزة) ولا أكره ذلك، ولكن ماذا لو كان انجاز فقط وليست معجزة وهذا الانجاز يحل مشكلة ملحة لمئات الآلاف مثلًا؟
تجمعات خالية من البُعد التجاري: متى آخر مرة شاركت في تجمع تقني يخلوا من البعد التجاري وفرد عضلات الشركات أو حتى الأفراد؟ هل تتذكر الكلمات الغربية: meet up or tweetup، قطعًا لا تتذكّر فقد اندثرت هذه التجمعات بوصفها السابق، لقد كان لي تجارب ممتازة وناجحة في صعيدي جيكس وأيضًا أثناء عملي في شركة حسوب ونشاطي في مجتمع Arabia i/O حيث اطلقنا تجمعات أوف لاين ، كانت فرصة عظيمة ليتعرف البعض على أشخاص يشاركونهم نفس الاهتمامات والتخصّص، قد تفاجىء أن هذه التجمعات أحيانًا تكون سببًا في بَدْء شيء رائع ومفيد للآلاف وربما الملايين بسبب أن مجموعة من الأشخاص اتفقوا على وجود مشكلة ما وهذه هي الحلول وبدأوا في التنفيذ بسبب أنهم تعرفوا على بعض في هذه التجمعات.
تجمّع النخبة والخبراء، تخيّل أنك مبتدئ في مجال تقني ما، وتتوه في أدغال شبكات التواصل الاجتماعي، لتحاول متابعة الخبراء في مجالك الذي بدأت في تعلمه؟ ماذا لو كان هناك دليل بتجربة استخدام ممتاز ومحرك بحث بسيط تحدد التخصّص وتكتب أول حرف ويظهر لك أسماء الخبراء في المجال الذي تبحث عنه؟ كم من الوقت ستوفر؟ دعك من السؤال السابق، كم الاستفادة التي ستحصلها من هذا الخبير بسبب نقاشاته أو تعليقاته؟
هذا بشكل مختصر جدًا الاجابة على السؤال السابق
ماذا عن التحديات؟ تحديات بناء المجتمع الرقمي للتقنيين واستدامته واستمراريته
هذه الإجابة لا أستطيع ان افتي فيها كثيرًا، كانت حجّة القائمين على Hsoub i/O وتحوله لمجتمع رقمي (بتاع كله) أن المجتمع لا يغطي تكاليفه، وقد تكون هذه حقيقة لا أستطيع انكارها، حيث ان المجتمع كان مفتوحًا للجميع دون أي اشتراكات أو صندوق حتى للتبرعات لتغطية المصاريف التشغيلية وما إلى ذلك
أعتقد نموذج ربحي بسيط قد يضمن الاستدامة والاستمرارية ونضوج المجتمع في وقت قياسي بإذن الله وسأبدأ بما يجول في خاطري من أفكار حول هذا الأمر وأتمنى مشاركتي في التعليقات حول مقترحات لنماذج ربحية تضمن استدامة واستمرارية المجتمع
عضوية مدفوعة سنوية: توفر العضوية المدفوعة ميزات بسيطة ولكن استثنائية يعني دونها المجتمع الرقمي يعمل بنجاح ولكن بعض الأعضاء قد يحتاجون إليها، لا توجد لدي تفاصيل حول هذه الميزات ولكن يمكنك مشاركتي بشيء قد يكون مفيدًا في التعليقات
التسجيل بالدعوات فقط كسياسة عامة، ويفتح التسجيل في مناسبات حصرية مثل عيد ما أو مرور سنة على المجتمع أو أو الخ، هذا ليس تعطيشًا، بل تحقيق الندرة المستمرة للمحتوى فائق الجودة والذي سيجده أي شخص في هذا المجتمع فقط، وذلك سيعزّز من استمراره واستدامته
يأتي هنا سؤال هل التسجيل سيكون للعضويات المدفوعة متاحًا، لما لا قد ينجح هذا النموذج وقد يفشل كله محل تجربة وبناء على تجارب الخبراء في بناء النماذج الربحية، لا تنس هذه مجرد أفكار لم اتحقّق من جدوى نجاحها
الشكر موصول للزميل يونس وواثق السبب في كتابتي لهذه التدوينة
هذا كل شيء.
تسلم.. الحاجة للمحتوى المتخصص في جميع التخصصات مهم للغاية… وما نبنيه في مواقع التواصل أشبه ببيت العنكبوت.. سرعان ما سيندثر.. ونحن نرى بأم أعيينا مصائب تسليم رقابنا لهذه الشركات..
وفعلا، أيقنت منذ مدة طويلة أن شرط الاستدامة الأساسي هو المال، مهما كنت متحفزا أو شغوفا.. لابد من نموذج مالي: ربحي أو غيره.. المهم تدفق المال حتى على الأقل تبقى الاستضافة واسم النطاق!
هناك مشروع يقوم به المهندس سامح دعبس اسمه: قبيله، وقال إن هدفه أن يكون للمحتوى الجاد.. وبالتوفيق له.. وأرجو أن يسد ثغرة في هذا الموضوع..
العفو، بلا شك دون نموذج ربحي لا ولن يستقر المجتمع مهما كان عدد المنضمّين إليه
الموارد التشغيلية أصبحت مكلّفة عن الماضي بكثير
بجانب ما سبق الاعتماد الأولي على عملية التبرعات مخاطرة كبيرة جدًا. وأرى انها تكون مرحلة ثانية
منتظرين تجربة الزميل سامح دعبس وأرجو منك ان تمدني برابط الفكرة ان خرجت للنور.
هي أنني أردت بناء هذا المجتمع مرة أخرى، وهب أن المجتمع المتخصص أيًا كان تخصصه تحمس للفكرة، ستمر بنفس طريق ما سبقها إن لم تنهج سبيلًا مختلفًا.
أرى أن نجيب عن سؤال أهم من وجود المجتمع نفسه، هل نحتاج حقًا احتياجًا لا يمكن تأجيله إلى مجتمع مستقل من الصفر نبنيه ونكون مسؤولين عنه ونوظف له من يقوم عليه؟
هل يمكن البدء بمكان في stack overflow أو subReddit أو discord أو أي شيء غيرها؟ ثم إذا بلغنا النقطة الحرجة للاستقلال بمجتمع ولم يكفينا ذلك المكان اتفقنا على نموذج استدامة للمجتمع باشتراكات مدفوعة لتشغيل الموقع كشركة أو وقف مكتف ذاتيًا، لاحظ أن الوقف يعني تخصيص الاشتراكات للاستدامة تشغيلًا وتطويرًا ودعمًا للمشاريع التي قد تخرج من رحم المجتمع، وإلا شركة عادية.
انخرطت مؤخرًا في عدة مجتمعات صغيرة في تليجرام وغيره لمناسبات مختلفة أو أهداف مؤقتة، والحقيقة أني رأيت فيها نموذجًا لمستقبل المجتمعات الرقمية، ورأيت تطور تلك التطبيقات لتصير فيها تخصيصات ومزايا وإمكانية دمج تطبيقات أخرى معها، وهكذا.
كان يمكن أن يكون حسوب IO هو Reddit العربي.. ولكن أُهمل من قبل الشركة.. أو حتى على الأقل hackernews العربي لو اقتصر على المحتوى التقني..
والحقيقة أن أهمية هذه المواقع أهمية استراتيجية لأن الغرب يفرض سرديته فيها وأفكاره وأغلوطاته ويقمع الرأي الآخر بالحظر الخفي والصريح وما حك ظهرك مثل ظفرك.. هذا إلى جانب الفوائد الجمّة في المجتمعات المنفصلة والتي هي موجودة غربيا وجودا لا بأس به.. من نشرات بريدية ومجتمعات تقنية وindie hackers وغيرها..
أتفق معك يا واثق، لكن لم أعد أحب الانتظار أو لم تعد لي به طاقة، فمن لي بمن يقوم بمثل هذا الأمر، أرى البدء في أحد تلك المواقع ببذرة مجتمع يأتي إليه من يريد العودة إلى مثل أيام arabia، فإذا اجتمعنا ولم يعد يكفي الموقع انتقلنا إلى غيره.
المجتمع التقني للشركة التي أعمل بها موجود في ثلاثة أماكن:
GitHub
Ms Teams
Workplace (Facebook for companies)
لمحمد هاني صباغ تجربة رائدة في هذا مع غيره من الشباب من الجزائر وغيرها في مجتمع لينكس على فيس بوك من قديم، لعل لهم أكثر من ١٢ سنة، لكني تركت الشبكات من ٧ سنوات أو يزيد فلا أدري إن كان لا زال موجودًا.
كذلك كنت في بعض الفرق التقنية التي نشأت لتبليغ علل تقنية في لينكس أو حملة لمقاطعة فرنسا مثلًا أو غيرها، مما ينشأ نتيجة هدف بعينه، وكنت أرى مدى سهولة جمع الناس في تلك المنصات، والمواقع والمجلات والنشرات والأعمال الأخرى التي تخرج من رحمها
فإذا بدأنا في subReddit أو في stack مثلًا، وكان لدينا “عصابة” من التقنيين نحن ندعوهم خاصة، صار مثل النادي الذي نجتمع فيه، فإذا كنا هناك وأردنا بناء مجتمع، فإن عندنا قاعدة المستخدمين لذلك المجتمع، ونتفق على تكاليف تشغيله ونفقاته ومن يديره وغير هذا.
لاحظ أن هذا ليس بجديد، بل هو نهج النوادي الحقيقية، تبدأ فكرة في شقة أو بيت أحد المهتمين، ثم تكبر البذرة إلى نادي أو شركة أو غيرها.
وهذا يكون مجتمعًا من المجتمعات الوسيطة التي كان يذكرها أيمن عبد الرحيم في أسباب قوة الأمم، فإن الأمة التي لها دولة قوية وليس لها مجتمعات وسيطة تنشأ من الناس أنفسهم دون الحاجة لكثير تعقيد أمة ضعيفة، والصين مثال على هذا بما عليه من هيمنة على الساحة، فالمجتنع نفسه مفسخ ولا يجتمع على أمر، على عكس أمريكا المليئة بتلك المجتمعات الوسيطة والجمعيات الأهلية.
أرى البدء الآن في أي مكان مناسب، ليس كمنصة نشر أو أسئلة وإجابات وغيرها، بل مجتمع يعلم بوضوح أن هذا مجتمع يهدف إلى جمع الشتات التقني وتشبيك العاملين فيه، ومع الوقت ربما تكون فيه اجتماعات ربع سنوية مثلًا، أو سنوية.
الأمر الآن أيسر من ذي قبل، فقبل عشر سنوات لم تكن لدينا الكوادر الموجودة الآن، ولا إمكانية التواصل المتاحة الآن أيضًا
أعتقد أنها فكرة جيّدة، لكن يبدو أنّه من الصعب تنفيذ أي شيء في المجتمعات العربية هذه الأيّام. ربّما تنعكس حالة الشتات الجغرافي على حالتنا على الإنترنت بشكل ما. شخصيًا، لا يخطرُ ببالي أن أبحث في مصدر عربيّ عن أي معلومة تقنية أو برمجيّة أو حتّى خبر تقنيّ، أعتقد أنّ كثيرًا منا قد اعتاد على ذلك ولذلك فهو ليس مقتنعًا بجدوى مجتمع عربيّ؛ على أنّني أوافق الأخ واثق في كونه يعطينا استقلالية محدودة عن الرّواية الغربيّة.
أتفق معك أخ محمد في شأن البحث في المصادر الأجنبية، لكن أتدري أن عديدًا من الطلاب العرب الذين تعلموا البرمجة وعلوم الحاسوب من الكتب التي ترجمناها يرسلون إلينا أنهم استفادوا من تلك الترجمات أي استفادة، وقد كانت لهم غوثًا في رحلة تعلمهم البرمجية، رغم أنني أنا نفسي لا أستطيع التعلم منها! فإن كان جيلي تعود على المصادر الأجنبية، فإن الجيل الذي تلى لا يشعر بهذه المشكلة، ويعتمد على العمل الذي أكرمني الله بإتمامه أو المساهمة فيه.
والحق أن هذه مشكلة كنت أراها قديمًا في المجتمعات العربية منذ أيام المنتديات التي صارت أطلالًا الآن، وهي نظرة قاصرة، إذ كنا نقول ما الجدوى من إعادة اختراع العجلة إذا كنا نحن أنفسنا نستقي من مصادر أجنبية؟! لكن رسائل الطلاب التي حدثتك عنها فتحت لي بعدًا لم أكن تعرضت له من قبل، وحقيقة صارت كأنها واجب شبه شرعي وأدبي عليك نحو إخوانك، كأنها فروض كفاية.