كاثرين جان وبراءة الطفولة

يعجبني كثيرًا نشاط المدونين في هذا الوقت من العزل الصحي، قرأت تدوينة رائعة للزميلة رُبى عبد من فلسطين وفي نهاية التدوينة رشّحت فيلم (Official Secrets 2019) وخاصة لمن يعمل في مجال الترجمة، أثارني الفضول بسبب اسم الفيلم وكذلك تقييمه المرتفع من المشاهدين، ووضعته في قائمة المشاهدة لاحقًا🍿، بالمناسبة أنصحكم بمتابعة مدونة السقيفة لـ رُبى فهي نشيطة جدًا وتقدّم تدوينات رائعة.
هذه التدوينة لا تحتوي على أي مواضيع سياسية فقط وقد تحتوي على (حرق لأحداث الفيلم) ولكن سوف أراعي التقليل من هذه التسريبات حتى تستمعوا بمشاهدته بعد قراءة التدوينة.

الجميع يعرف الثمن الباهظ الذي دفعه العالم في الحرب على العراق

شخصيًا كنت أشعر بغصة في قلبي نحو الغرب وخاصة بريطانيا، لأنها كانت الأداة المساعدة لـ بوش في الدعم الأساسي لهذه الحرب البغيضة والتي راح ضحيتها أكثر من مليون عراقي بينهم أطفال ونساء وكبار في السن، ومن الجانب الآخر لمن شنوّا الحرب قتل أكثر من ٥ الآف جندي أمريكي\بريطاني ومن جنسيات أخرى وأصيب أكثر من ٧٠٠٠٠ جندي، يالله الأرقام حقًا مرعبة، إذن من هي كاثرين جان؟ بطلة هذه التدوينة، هي من أصول بريطانية ولدت في الصين بمدينة تايوان، وانتقلت مع أسرتها إلى بريطانيا ثم عملت في مجال الترجمة في مكان غاية في الحساسية والسرية وهو: مكاتب الإتصالات الحكومية البريطانية (GCHQ) أو بمعنى أدّق (وكالة استخبارات ووكالة أمنية بريطانية.)، وتزوجت شاب مهاجر بسيط من الأكراد وهو مسلم وكان يعمل في مقهى خاص

تمرّ الأيام واقترب وقت الإعلان عن الحرب على العراق ويصل لحاسوبها أثناء العمل ورقة خطيرة ملخصها إن الحكومة البريطانية تكذب على شعبها من أجل إقناعهم بخوض الحرب بجانب أمريكا ودعمهم، وهنا دخلت كاثرين في صراع بين ضميرها وبين مصلحتها وأمنها وحياتها الشخصية، لم تتحمّل كاثرين كثيرًا التصريحات الكاذبة من المسؤولين وعليه قامت بتسريب هذه الورقة لمن يهمّه الأمر، وبصعوبة اقتنع صحفي يعمل بجريدة في بريطانيا أن يتحقّق من مدى صحة هذا التسريب وأن الورقة غير مزيّفة وكذلك المسائلة القانونية التي سوف تحدث إن نشرت الجريدة هذا التسريب.

لم يكن الأمر سهلًا على كاثرين

انتظرت أسبوع وأسبوعين وحتى ثالث أسبوع ولم ترى أي أخبار عن الورقة التي قد (ربما) توقف الإعلان عن الحرب على العرق وتحمى حياة مئات الآلاف من الأبرياء، وفجأة وبعد طول انتظار تحوّل إلى خبر كبير في بريطانيا وأعلنت الصحيفة عن التسريب.

بعدها ذلك فورًا أخبرت زوجها عن ما حدث ومدى خوفها وقلقها

لم يتقّبل الزوج في البداية هذا التصرّف الذي قد ينهي حياة كاثرين المهنية وأيضًا الاجتماعية، فهي أصبحت في نظر الحكومة (جاسوسة وخائنة) نعم ولما لا فحين تتعارض الحقيقة مع المصالح يتم ضحد أي شيء متعلق بالحقيقة من أفراد مهما كانت دوافعهم، ما لفت نظري من أحداث القصة (لا أريد حرق الفيلم) ونظر الجميع وقتها كيف كانت بهذه الشجاعة الساذجة؟ ولكن تفسيري هي فكرّت بضمير وبراءة الطفولة حيث لا يولد الإنسان في الغالب كشخص مؤذي للآخرين، ولماذا أصرّت على الاعتراف بفعل تسريب معلومات غاية في السرية لبلدها قد يضّر بسمعة الحكومة!

قصة كاثرين أعطتني أملًا كبيرًا حين يسود الظلم ويغيب العدل وتنعدم الحقيقة ويكون السائد هو الأكاذيب هناك أشخاصًا ببراءة وضمير الأطفال لا يهمهم شيئًا سوى فعل ما يمليه عليهم ضميرهم فقط.

اسئلة كثيرة سوف تحيرّكم بعد مشاهدتكم للفيلم المؤخوذ من قصة حقيقية لكاثرين، وأتمنى لكم مشاهدة ممتعة.


🔗 راوبط: 

هذا كل شيء.

مصدر الصورة

 

4 Comments كاثرين جان وبراءة الطفولة

  1. د سهير عبد الحفيظ

    يعجبني مزجك بين العفوية وسلامة المعنى واللغة ..سلمت يامحمود وسلمت حروفك

    Reply
    1. MidooDj

      شهادة اعتزّ بها دكتورة سهير، شكرًا جزيلًا على تعليقك وسعيد بقراءتك للتدوينة

      Reply
  2. Barmeel

    وكذلك أنا أيضًا ألحظ نشاطًا ممتازًا من المدونين على منصاتهم الشخصية. وهذا بفضلكم وبفضل كل مدون مستمر في التدوين. أتذكر أعوامًا مضت، عندما كان التدوين هو التيمة الأساسية لحياة الأغلبية على الإنترنت. يبقى التدوين شيء لطيف وتجربة ممتعة ذي عوائد مثمرة دومًا.

    شاهدت الفيلم وكان رائعًا بحق!

    Reply
    1. MidooDj

      التدوين بالنسبة لي هو الهواء الذي اتنفسّه، وأكثر هواية تهوّن على الإنسان في الأوقات الصعبة التي يمّر بها.

      Reply

✍️ اكتب تعليق