اشتقت إلى التدوين، وهذه المرّة بالتحديد للتدوين عن الدراجّات الهوائية والتي أصبحت تسري في دمي، الاسبوع الماضي هاتفني صديقي استاذي ومعلمي لتلك الرياضة كابتن (إيليا) وأخبرني بأنّ سرعة الرياح وطبيعة الجو يوم الجمعة مناسبين جدًا لرحلة وتمرين طويل إلى مدينة (الأقصر). أخبرته اني كل حماس وانتظار لهذه الرحلة منذ فترة طويلة، رغم انني كنت اشعر بالقلق نظرًا لتوقفي عن التمارين أكثر من أسبوع قبلها بسبب سوء تنظيم وقتي في العمل وبين حياتي الشخصية، لم اجعل القلق يسيطر علي واخبرته بأنني على استعداد تام لخوض تلك المغامرة، تدوينة اليوم عن تحقّق الهدف بعد 4 أعوام من التحضير.
كان موعد التجمّع هو العاشرة صباحًا، ويجب الاستعداد جيدًا لهذه المغامرة الصعبة وان يكون طعام الافطار بروتين ويحتوي على مكونات جيدة وشرب مياه كافية حتى يستطيع ان يتحمّل جسدي وعضلاته كل المجهود الذي سيبذل
بالفعل قمت بإعداد بيض مسلوق وبطاطس مسلوقة بروتين ونشويات وكربوهيدرات، وجهزّت فواكه (برتقال وموز) فيتامين سي وماغنسيوم من الموز من أجل عدم الاحساس بالعطش أو الجفاف، وكبشة صغيرة جدًا من المكسرات غير المحمّصة.
يوم المغامرة استيقظت مبكرًا، بعد ان نمت حوالي ٧ ساعات تقريبًا، وهذا ليس كافي كان الأفضل أن انام متوسط من 8 إلى 10 ساعات حتى يكون الاستعداد مثالي، ولكن لقد تعلّمت ان الكمالية هي أمر غاية في التعقيد وأحيانًا يكون هو حجتي لعدم بدء أي شيء طالع هذه التدوينة لتفهمني متلازمة الكمالية Perfectionism وعجين الفلاّحة 😅
قمت أيضًا بالتأكيد على كل الفريق المشارك في هذه الرحلة بالاتصال بهم واعطائهم كافة النصائح الهامة للاستعداد الجيّد لهذه المغامرة، الأمر والنصيحة الهامة الوحيدة التي فاتتني هي التنويه عن أهمية عدّة الطوارئ الأساسية لرياضة الدراجات الهوائية وسأذكر لاحقًا لماذا كان هذا النسيان خطأ فادح مني.
اتصلت أيضًا بفريق دراجي الأقصر، فقد تقابلنا صدفة من قبل اثناء أحد التمارين (احد متع هذه الرياضة) واصبح بيننا تواصل مشترك نظرًا لقرب المسافة بينهم وبيننا، ورحبوا بقدومنا إليهم ووعدونا بانتظارنا حين الوصول.
بدأنا في التحرّك الساعة 10 صباحًا بعض الأعضاء الفريق تأخر قليلًا ولكن لا بأس، كانت رحلة الذهاب غاية في الروعة، يوم جمعة الطريق شبه فارغة الجو نقي جدًا الرياح في اتجاهنا وهذا يساعد كثيرًا على الانجاز والقيادة بسرعات جيدّة في وقت قصير ومسافة قياسية، تقريبًا كانت متوسّط السرعة في رحلة الذهاب حوالي 30 إلى 35 كيلو متر في الساعة، قطعنا تقريبًا 75 كيلو متر في حوالي ساعتين وثلث، وهذا رقم غاية في الروعة.
وصلنا مدينة الأقصر بسلام وبالطبع الجميع يشعر بالعطش والجوع والإرهاق، وصلنا إلى ميدان وساحة معبد الأقصر وهو من أشهر المعالم الأثرية في المدينة والتقطنا صورًا تذكارية رائعة
بعدها بدأنا في التقاط صور فردية للذكرى أيضًا
بعدها اتصلنا بفريق دراجي الأقصر واخبارناهم بأننا سنذهب لتناول الطعام (الغداء) ومن ثم سنعود إليهم للمقابلة والحكي والاطمئنان على بعضنا وتبادل الخبرات والمهارات والاتفاقات على أي تعاونات مستقبلية، وجدنا فردًا من فريقهم يحتاج إلى اصلاح ثقب حدث لاطار دراجته فقمنا باخراج عدّة الطوارئ من عندي وقام كابتن إيليا بتوليّ المهمة، وفي حوالي 15 دقيقة انتهينا من اصلاح الدراجة بنجاح، وتحركنا بعدها إلى مقهى شعبي لتناول المشروبات وبعدها توديع مدينة الأقصر والبدء في رحلة العودة، كانت الساعة وصلت إلى 4 عصرًا تقريبًا وكلما تأخر الوقت كان ليس في صالحنا حتى لا نقود الدراجات في الظلام حتى لو لدينا أدوات الاضائة اللازمة، القيادة في المساء خطرة جدً.
بدأنا في التقاط صور تذكارية مع فريق دراجي الأقصر خلف معبد الأقصر
أيضًا التقطنا هذه الصورة الرائعة مع اعضاء فريق دراجي قنا من أمام نهر النيل العظيم وكورنيش النيل في مدينة الأقصر الأكثر من رائع والنظيف جدًا جدًا (بسبب السياحة طبعًا) 😅
بدأنا في توديع فريق دراجي الأقصر وبعد حوالي 10 كيلو متر من الخروج من المدينة أحد أفراد الفريق حدث ثقب في اطار دراجته، وللاسف الشديد كان لا يملك (داخلي) احتياطيًا لأي طوارئ وهذا سيجعلنا بدلًا من استبدال الداخلي الذي ثقب بأن نقوم بإجراء عملية لحام واصلاح لهذا الثقب، وهذا سيأخذ منّا وقت أطول عن استبداله، على أي حال فوجئت أنا وكابتين إيليا بهذا الخطأ وشعر الفريق بالاستياء بسبب بدء غروب الشمس وغالبًا سنقود في الظلام بعد ساعة ونصف أو أقل.
انهى صديقنا اصلاح دراجته واكملنا الطريق وبدأ بالفعل الظلام يطّل علينا بالتدريج، ونحن بدأنا معه بتشغيل كشافّات الاضائة الليلية والفلاشرات الخلفية، وقدنا بحذر شديد جدًا، خاصة أن مقطورات (قصب السكر) بدأت في الظهور لإمداد المصانع بالقصب الذي تم تحضيره لتحويله إلى سكّر مصنّع.
أخبرت كابتن إيليا انني اتضوّر جوعًا وأريد ان أكل أو اشرب شيئًا، فأخبرني بأننا يمكن ان نتوقّف عند مقهي شعبي توقفنّا عليه من قبل وهو جيّد فوافقت وشكرته، وبالفعل وصلنا إلى المقهى وقد فقدت تقريبًا جزء كبير من طاقتي وشربت عصيرًا وأكلت بعض بسكويت التمر لزيادة السعرات الحرارية وأخيرًا طلبت كوبًا من الشاي، بعد لحظات من توقفنا للاسف الشديد عضو فريقنا الذي ثقب اطار دراجته في بداية رحلة العودة، ثقب اطاره للمرّة الثانية 😅
فقدنا الأمل في الرجوع والعودة مبكرًا ولذا طلب كوب الشاي هذا الذي يظهر في الصورة
هذه الصورة كانت من أفضل المناظر التي شاهدنها أسراب من الحمام في ساحة معبد الاقصر الرائع
أحببت ان اشارككم هذه المغامرة الرائعة، والتي لأول مرّة منذ 4 أعوام من ممارسة رياضة الدراجات الهوائية اقطع هذه المسافة 150 كيلو متر في يوم واحد.
هذا كل شيء
مغامراتك مع الدراجات الهوائية مشجعة حقاً، وصورك تجعلني أتوق لزيارة البلد وزيارتك، إن وجدت فرصة فلن أفوتها.
استمر يا بطل، واكتب عن الدراجات الهوائية أكثر 😄
وأنا اتوق لزيارتك لنا بفارغ الصبر، وسأعيرك دراجة لنخرج في مغامرة سويًا، شكرًا جزيلًا على تشجيعك 🙏
ما شاء الله، 150 كيلومتر في يوم واحد، هذا كثير جداً بالدراجة، هذا يؤهل للسفر عبر البلدان، فمن يُسافر عبر البلدان ربما يقطع في اليوم 100 كيلومتر فقط في اليوم
أمنيتي ان أسافر بين البلدان كنوع من (الترحال) بالدراجة الهوائية
دعواتك بالتوفيق 🌺
ويبقى أحد أحلامي أن يكون لي دراجة هوائية.. أحييك أخي محمود على هذه الهمة.
تدوينة ممتعة، كل التوفيق.
ارجو ان تحقّق حلمك في أقرب وقت ممكن، ان احتجت اي استشارة بخصوص الدراجات الهوائية لا تتردد في التواصل معي، سعيد بان التدوينة اعجبتك 😊