اتألم كثيرًا حين يتحدّث أحدهم عن اصابته بالاكتئاب لأسباب مختلفة، فقد عانيت كثيرًا مع الاكتئاب ومررت بعدّة نوبات كادت أن تودي بحياتي، لا أعرف ماذا اكتب لكن قرأت عدّة تدوينات عن الزميل طارق الموصللي ومن ضمنها عمّا يبحث/يخاف/يندم ذاك التنين؟ والتدوينة جعلتني اقرأ تدوينات أخرى وعن المنخفضات الأخيرة وسوء التقدير الذي حدث في مسابقة للكتّاب، كم أكره المسابقات لأنها تظلم الآخرين مهما كانت الشروط والشفافية، لذلك لست من مدارس المسابقات ولا أحب المشاركة فيها.
إلى طارق وآخرون، أعلم أن الكلام لن يقدّم ولا يؤخر شيئًا في الظروف التي تمرون بها، وربما تعتقد أن هذه الرسالة سطحية لكن هي من قلبي تحمل جميع أنواع التضامن والتقدير لشخصكم الكريم، لا تقسوا على نفسك وتفهّم أن هذه المرحلة الصعبة حتمًا سوف تمرّ، لسنا كاملين ولن نصبح كذلك ولن نقترب من الكمال، نحن كبشر جميعًا لدينا جانب ظلامي ووجه لن يستطيع أحدًا الكشف عنه إلا في حالات استثنائية، لذلك اكتب واستمر في الكتابة كما تحب وكما تريد، الكتابة كانت جزء من تعافي جزئيًا من الاكتئاب بجانب ممارسة الرياضة المستمرة، انتكست وانتكست وانتكست، وكانت تمرّ علي الأوقات الصعبة كألف عام.
لا تضغط نفسك بخصوص الأطفال، طالما تقوم بالدور الذي عليك والمسؤوليات فأنت أب عظيم، ولديك زوجة عظيمة تتفهم ما تعاني منه وما تمرّ به، فحافظ على هذه النعمة، يومًا ما بعد مرور تلك الأيام الصعبة سوف تعرف وتتأكد من ذلك، لا تقسوا على نفسك أكررها، أحب نفسك بكل طاقتك، قرأت فقرة لقائك مع الزميل يونس بن عمارة، واعرف ما تعنيه نقطة أن لا يكون هناك هدفًا واضح، ولكن لا بأس هذه مرحلة البحث عن الهدف أو أهدافك في الحياة، حاليًا لدي ٣٤ عامًا ولست متأكدًا من أهدافي رغم مرور كل تلك السنوات، ولكنها ليست نهاية العالم صدقني.
الضغط المجتمعي على الذكور وخاصة المتزوجين والذي يفرضه العالم علينا شيء غاية في الصعوبة ولن يشعر بهذا الكلام إلًا أشخاص مثلك ومثلي وآخرون، لذا اضرب بهذا الضغط عرض الحائط ولا تعيره أي اهتمام، اكمل ما بدأته من عملك الحرّ الطريق مليء بالأشواك وسيظل كذلك، ولكن بتراكم الخبرات سوف تدرك كيفية تجنّب الطرقات التي تمتليء بالأشواك واتخاذ طرق بها أشواك يمكنك تحملّها.
لا تستعجل الخروج من تلك المرحلة البائسة من حياتك اعطي نفسك ونفسيتك وعقلك كل الوقت ليتجاوزها، الأمر ليس بالهّين والمشاعر السلبية التي تشاركها معنا ليست صغيرة، ولكن أدرك من كتابتك أنك سوف تستطيع تجاوز تلك المرحلة البائسة بكل نجاح، لا بأس من تجاوزها بعد المرور بقليل أو كثير من الألم، لكن رددّ دائمًا في عقلك الباطن أن هذه المرحلة حتمًا ستمّر، وسوف تخرج منها بخبرات كبيرة نفسية واجتماعية ومهنية أيضًا، تحدثت في تلك التدوينة أثر الدراجة الهوائية على حياتي حديثًا كمرور الكرام لم استفيض فيها عن تجربتي مع الاكتئاب، ولكن يومًا ما سوف تأتيني الشجاعة لأكتب عن تلك التجربة القاسية، لما اتعافى بشكل كامل منه ولكن أفضل عن السابق.
أخيرًا إليك يا م. طارق وآخرون، أنا اسمعك واقدّر مشاعرك واتفهّم ما تمرّ به، وعلى يقين بأنك سوف تتجاوزها في وقت ما، حاول وحاول وحاول ولا تيأس من المحاولات انسحب من المحاولات أحيانًا لكن لا تستسلم في العودة مرّة أخرى لها، استمر في الكتابة ان كانت تشعرك بشعور جيّد، حتى لو هناك مشاعر صعبة تظهر أثناء الكتابة فلا بأس هذا جيد أيضًا، اخراج المشاعر المكبوتة أمرًا هامًا في مراحل الإكتئاب، كن بخير يا صديقي أنت والآخرون.
Pingback: رسالة عابرة إلى م. طارق الموصللي وآخرون — مدونة محمود – برميل