البكاء عند الرجال في عالمنا العربي حتى الآن يعتبر وصمة عار على جبين جنسنا من الذكور، فمثلًا إذا وجدت رجلًا أو شابًا يافعًا يقوم بالبكاء فغالبًا سوف تحتقره وتشعر بأنه طفلًا مدلل نعم بشكل لا إرادي قد تحكم عليه بذلك، إلّا إن كنت تتفّهم إن هذا الشخص هو إنسان عادي لديه مشاعر مختلفة ويمّر بظروف قد تكون قاسية عليه، في هذه التدوينة سوف أكتب عن البكاء عن الرجال في عالمنا العربي، تعمّدت كتابة هذا العنوان حتى ينال فضول جنس الذكور وطبعًا مرحّب بالإناث في كل الأوقات.
مرّت تدوينة من خلال فقرة روابط لأستاذي القدير عبدالله المهيري تتحدّث عن البكاء بعنوان لا بأس أن تبكي وذكرني كل ما سبق بما مررت به في الثلاثين عامًا المنصرمة من عمري ونشأتي، حيث كان البكاء خط أحمر في المنزل أو حتى عند الأقارب وفي محيطي الذي أعيش فيه، حتى زملاء الدراسة إذا رأوك تبكي فسوف تنهمر عليك كمية تنمّر لا بأس بها وعبارات قد تفقدك ثقتك في نفسك وتشعرك بالإهانة الشخصية مثل (أنت لست رجلًا، الرجال لا يبكون) إلخ من هذه الجمل المنحطّة، ونعم هي منحطّة وقذرة ولها أبعاد مأساوية على المدى البعيد وسوف أحاول أن اشرح لكم ذلك جمهور الذكور العزيز وآباء المستقبل الأعزاء من جيلي والجيل اللاحق بنا:
البكاء هو نوع من أنواع التعبير عن المشاعر فقد يكون البكاء لفرح أو حزن أو صدمة وغيره حتى في النجاح أحيانًا قد لا تتمالك نفسك ومشاعرك وتبكي.
حسنًا بعد هذا التعريف ماذا يحدث حين تريد البكاء ولا تستطيع خوفًا من وصمك بأنك لست رجلًا أو أنك شخصًا مدلل وهشّ؟ سوف تتجمّع هذه المشاعر في صورة (مشاعر مكبوتة) أثر هذا الكبت التراكمي سوف تجني ثماره التالفة مستقبلًا وليس في التو واللحظة، سوف تصبح إنسانًا قاسيًا على نفسك أولًا قبل أن تكون قاسيًا على الآخرين وحتى أقرب الأشخاص لك (زوجتك، أبنائك، أصدقائك وأقاربك وبالطبع عائلتك).
ليس ذلك فحسب كبت تلك المشاعر قد يصيبك بالاكتئاب ولا تسخر أو تستهين من هذه المشكلة، لقد أتيتك من المستقبل وأقول لك أن جزءًا لا بأس به مما سبق حدث لي وأصبت بقسوة القلب فترة ليست صغيرة وتسبّبت في مشاكل أرهقتني حتى اتخلّص منها واستبدلها بحلول مناسبة ومفيدة ويكون قلبي ليّن مع نفسي أولًا ومع الآخرين فيما بعد، ما أكثر قساة القلوب في زمننا هذا وأصحاب القلوب والمشاعر الغليظة، ألا تشاهد وترى معي التراشق على شبكات التواصل الاجتماعي يوميًا ونشر الكراهية باستمرار بين البشر وحتى بين الشعوب والدول؟ كل ذلك جزءًا كبيرًا منه بسبب كبت المشاعر لدى الذكور وحتى الإناث في عالمنا العربي.
حسنًا ماذا أفعل إن أردت البكاء؟
إجابتي لك عزيزي الذكر الشرق أوسطي أن تقوم بالبكاء فورًا أو أن أحببت في مكان خالي من البشر واستمّر في البكاء حتى تنتهي، البكاء سوف يزيح حملًا ثقيلًا من المشاعر السيئة والتعيسة وحتى ذكريات الماضي وصدماته، البكاء سوف يجعلك تشعر بأنك ولدت من جديد بعد أن تنتهي منه، سوف تشعر بأنك أصبحت بخير الآن، البكاء سوف يجعلك تتخلّص من تراكمات المشاعر السلبية والأحزان والأيام التعيسة في حياتك، ولا تهتم بما سيحكم عليك به الناس أو يقولونه عنك، فهم لا يكفون عن هذا لأنهم لأنهم يعتبرون كبت المشاعر بديهيات وهذا خطأ فادح صنع منهم ما تراه عليهم اليوم.
وماذا أفعل أن وجدت صديقي، أو أخي يبكي؟
جوابي شجعه على ذلك واحترم هذه اللحظات ولا تتحدّث وكلما اعتذر منك عن بكائه أكدّ له أنك تتفهّم جدًا ما يشعر به وأنه عليه الاستمرار في البكاء ولا بأس من ذلك كن مصرًا على هذا الأمر حتى حين ينتهي يكون قد أخذ حقه من التخلص من تلك المشاعر السلبية مع من يثق فيه كشخص مثلك.
بعد ذلك اطلب منه أن يقوم بغسل وجهه جيدًا ولا تتحدّث اطلب منه أن يتحدّث أن أراد ولا تحكم عليه ولا على ما سوف يشاركك إياه من مشاعر سلبية كان يواجهها، أعلم أن ما سبق ليس سهل التنفيذ ولكن صدقني التجربة تستحق يا رجل، فعلت ذلك مع أصدقاء لي وكانت النتائج رائعة لهم وحتى لي.
عزيزي الرجل عزيز الذكر أرجوك وأتوسّل لك أن لا تقوم بكبت هذه المشاعر ولا تصدّق رواية أن الرجال لا يبكون أو أنه عيبًا كبيرًا أن يبكي الرجال أمام الناس أو حتى في الخفاء، العيب والمصيبة الكبرى أن لا تبكي ويتحجّر قلبك وتقسو عليه وعلى نفسك وعلى الآخرين.
🔗 روابط:
- المجتمع التقني الجزائري يفقد أحد نجومه اللامعين: يوغرطة بن علي في ذمة الله
- امسح ذاكرتك وابدأ من جديد
- متفرقات 1# معدات الوقاية الشخصية والقمر العملاق
- الفرق بين المدون والكاتب وصانع المحتوى واليوتيوبر
- التنافي والشمولية ( MECE Principle )
هذا كل شيء.
أحييك على هذه التدوينة الرائعة.
في بيئتي ان نرى رجلا يبكي يعني ان مصيبة او شيء عظيم حدث له، لهذا ان رأينا أبي او اخوتي يبكون، نغادر الغرفة بهدوء، وتبقى امي معهم لتخفف عنهم.
فعلا البكاء لا يعني ضعف، لكن هذه التقاليد والعادات البالية خربت على الكثيرين.
شكرًا جزيلًا على تعليقك ومرورك تحياتي لك ولوالدتك العظيمة