حين كنت مولعًا بالتكنولوجيا والتقنية وأتابع بشغف البرنامج التكنولوجي الوحيد الذي يُعرض على التلفزيون المصري (جراڤيك) على القناة الثانية الأرضية إن لم تخني الذاكرة في التسعينات، بالتوازي كنت مهتمًا بقراءة مجلة ماجد للأطفال، والسبب في ذلك هو أنني وجدت أحد أقربائي والده كان يعمل في دولة خليجية وكان لديه كراتين “صناديق ورقية” كاملة لأعداد من تلك المجلة وحين بدأت في تصفّح بعد الأعداد تشوقّت أكثر لمعرفة ما يوجد في الأعداد الجديدة
وكانت المعضلة إن سعر هذه المجلة هو جنيه ونصف، وهذا المبلغ بالنسبة لطفل من أسرة متواضعة أسبوعيًا ليس بالأمر الهّين في التسعينات.
هذه التدوينة شخصية
كنت بعد خروجي من المدرسة أمرّ على بائع الجرائد والمجلات
وعيناي تلمعان على مجلة ماجد واقرأ العناوين الرئيسية ومن ثم أعود لمنزلي
كان لا يمكن أن أتصفّح أجزاء المجلة بالكامل نظرًا لأنها كنت مغلفّة ومحفوظة بإطار بلاستيك، حاولت التفكير في الأمر كيف أعرض الأمر على والدي وهو منهمك في المصاريف وعمله وأن هذا الأمر ربما سينظر له على أنه شيء ترفيهي والأولى أن أهتم بأمور أخرى أهم
فاتحت والداتي وقتها في الأمر وذكرت لي أن والدي قاريء نهم لكتب من الأثر الإسلامي وكتب ومجلات متنوعة اجتماعية، وأخذتني لمكتبته وفتحت لي هذه المكتبة وذهلت من كمّ الكتب التي قرأها والدي قبل أن ينغمس في العمل والمسؤوليات الكبيرة عليه، وشجعتني بأن أقوم بالتوفير من مصروفي أو حتى أقوم بادخار أية نقود وهي سوف تساعدني ببعض الأموال لأقتني أي عدد من تلك المجلة، المشكلة أن المجلة كانت تصدر كل أسبوع أي أنني في حاجة لـ ٦ جنيهات كاملة كل شهر، لم أيأس أبدًا وبدأت بالفعل في ادخار أي نقود لشراء عدد جديد من تلك المجلة وتم في النهاية تحقيق هذا الهدف، لاحظ والدي في نفس الأسبوع انغماسي في قراءة المجلة وسألني عنها وأجبته أنها مجلة أسبوعية ثقافية ترفيهية وبها قسم خاص بالتكنولوجيا أيضًا، وسألني عن سعرها، وانتهى الحديث بعد ذكر ثمن العدد الواحد ?
استمريت في اقتناء أعداد المجلة وكان عند حدوث خلل في الادخار يفوتني عدد أو اثنين كل شهر
لا بأس طالما احصل ولو على عددًا واحد منها، كان هناك قسم خاص بمسابقات مجلة ماجد والبحث عن “فضولي” داخل صفحات المجلة وأسئلة تقنية وثقافية ودينية وعلمية تنوع رهيب، وفي كل عدد يتم الإعلان عن الفائزين والجوائز كانت مغرية جدًا في نظري أما ان تحصل على 150 درهم في شيك يصرف لحامله أو الحصول على طوابع بريد نادرة (هواية أحبها جدًا وأتمنى العودة لها قريبًا)، كان يتملكني الإحباط لما أشارك في تلك المسابقة من المستحيل الفوز بأي مسابقة في أي عدد نظرًا لأن هناك عشرات ويمكن مئات الآلاف من المشاركين من كل الدول العربية
ذات مرّة اتذكّر أختي (فاطمة الزهراء) وهي أكبر مني بعام واحد قالت لي سوف أساعدك في الاشتراك في المسابقة وحل الأسئلة وشراء طابع البريد الخاص بإرسال الجواب البريدي لدولة الإمارات العربية المتحدة كان سعره بالمناسبة 150 قرشًا إن لم تخني الذاكرة.
وبالفعل اشتركت في المسابقة ولم أربح في العدد القادم أصبت بصدمة لماذا لم أربح؟
هل لم يصل البريد لمكتب المجلة في دولة الإمارات؟ وأسئلة محبطة كثيرًا من الطبيعي ان تأتيني في ذلك العمر وقتها، أتذكّر تشجيع أختي (فاطمة الزهراء) بتكرار المحاولة والمشاركة مرّة أخرى وسوف تساهم في شراء طابع البريد الخاص بـ (الجواب البريدي) للمشاركة من جديد
بالمناسبة كان يجب إرسال صورة شخصية مع كل مشاركة لعرضها في صفحة الفائزين أن كنت محظوظًا وكنت ضمن الفائزين، أرسلت الجواب بريديًا ويدي على قلبي ودعوت الله أن يوفقني وأفوز ولو مرّة واحدة في تلك المسابقة، وانتظرت صدور العدد الجديد من المجلة وأول شيء تصفحته هو صفحة نتائج المسابقة الخاصة بالعدد السابق وكانت المفاجئة اسمي وصورتي وبلدي وأنني فزت في المسابقة.
وبعدها بأسبوعين أتى ساعي البريد لمنزلنا ومعه جواب بريدي لونه غريب ونوع الورق غريب عن المعتاد ومليء بالأختام والطوابع، وكان من المجلة وكانت الجائزة تقريبًا حسب ما اتذكر 150 درهمًا إماراتيًا، يصرف لحامله ? وهذه صورة من المكتبة التي كنت أذهب إليها وأجلس فيها بالساعات بين الكتب والقصص الرائعة في مدينتي، بمحافظة قنا أقصى الصعيد.
انتظرت والدي بشوق ولهفة لأخبره بما حدث وأعطيه الجواب البريدي ونظر لي نظرة (كيف فعلتها يا فتى ظننت أنك لن تستمر في القراءة أو حتى الاشتراك في المسابقة الخاصة بها) شجعني كثيرًا وشكرني على أنني لما أحبط وحاولت بمفردي وبعدها حاولت بمساعدتي أختي، بعد هذه النتيجة والدي وعدني بأنه كلما سمحت ظروفه المادية بالدعم فلن يتأخر
والحمدلله خلال عام ونصف العام والدي كان يأتيني بالعدد الجديد بشكل متقطع بعدها أصبح يعطيني كل أسبوع ثمن المجلة لتحفيزي في الاستمرار في القراءة بشكل عام ومتابعة المجلة بشكل خاص، ليس ذلك فحسب علم أن والدتي قد اطلعتني على مكتبته الخاصة فأعطاني الصلاحية لتصفح ما أريده من الكتب وهذا كان من أكثر الأمور روعة في طفولتي رغم أن الكتب من الأثر الإسلامي وصعبة القراءة ولكن أفادتني كثيرًا في حياتي بعد ذلك.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل قامت أختي فاطمة وأنا باستغلال الاجازات والاشتراك في مكتبة سوزان مبارك للأسرة والطفل في مدينتي.
أنا مدين لكل شخص كان يساهم في تلك المجلة التي استفدت منها بشكل كبير في مرحلة عمرية هامة، مدين للقائمين على المسابقة الذين كانوا يأكدون في كل عدد أنهم يصل إليهم الآف من الجوابات البريدية الذين يشاركون في المسابقة وأن الأمر صعب عليهم جدًا في الفرز، مدين لوالدي ووالدتي وأختي فاطمة الزهراء لتشجيعهم لي باستمرار.
شكرًا لكل من ساهم في هذه المجلة فردًا فردًا. ?
لا زلت أذكر كلمات الأغنية لإعلان مجلة ماجد، ولو غنيتها بجانب أخي الأكبر سأجده يغنيها معي! كانت بسعر ثلاث دراهم في الإمارات وربما ما زالت، لا أدري، المهم كل أربعاء يشتريها أحدنا أو نجمع لها وكل فرد يقرأها لوحده، كانت مجلة رائعة حقاً ومفيدة ولا زلت أتذكر بعض القصص التي قرأتها فيها.
يا ترى هل هناك أرشيف رقمي لها؟
بحثت عن وجود أي أرشيف للمجلة ولم أجد للأسف، أتمنى أن يكون هناك أرشيف رقمي للمجلة يستفيد منه الأجيال القادمة.
امجله ماجد
مرحبا قناة ماجد انا احب هده القناة كثيرا . انا متحمسة لهده المسابقة .وشكرا
الله كم ذكرتني مدونتك بمجلة ماجد التي كنت لفترة طويلة أحصل عليها بشكل أسبوعي. كان والدي يشتريها لي كل أربعاء وكان يوم الخميس إجازة من المدرسة فأنغمس في صفحات المجلة واقرأ محتواها من الغلاف إلى الغلاف.
محتوى رائع سواءً من القصص المصورة التي لها قصص هادفة وحتى المقالات الثقافية المكتوبة بأفضل الطرق ليجعل شخص صغير مثلي يهتم بقرائتها. تعرفت على الثقافات وقصص اسلامية واستمتعت بالقصص الترفيهية. كما كانت المجلة تضيف قسم خاص بمواقع انترنت مفيدة وكانت هذه وسيلتي للدخول إلى مواقع انترنت عندما كان الانترنت شيء جديد بالكامل على بيوتنا.
وكذلك المسابقات التي اتذكرها وأشارك فيها كلها أسبوعياً وقد فزت مرات عديدة، وكان هذا الشيء المميز في المجلة بأن عدد كبير من المشاركين كان يفوز ويكافئ على مجهوده بحل المسابقات والكلمات المتقاطعة ومسابقة الرسم.
وأخيراً لا ننسى فقرات التعرف على الأصدقاء عن طريق ارسال البريد، كنت اتواصل مع اشخاص من دول عربية أخرى ونتبادل الطوابع والعملات والبطاقات في مراسلاتنا، وكذلك طلب الطوابع من المجلة. كم كانت أيام جميلة بمجلة قدمت للطفل العربي ماهو مفيد وممتع بنفس الوقت.