عندما ينقطع التيار الكهربائي يتذّمر الناس في العادة و يظهرن استياء من ذلك. وعندما يصبح انقطاع الكهرباء ظاهرة على صعيد الدولة يتحوّل التذّمر الى استياء شعبي. الكهرباء هو اكتشاف علمي حديث لم يكن متوفرًا حتى أجيال قريبة ولكنه تحوّل إلى حاجة واحدي ضرورات الحياة الأساسية لأنها تقدّم حلول مهمّة للكثير من المشاكل التي كانت لدينا في السابق مثل الانارة والطبخ والتبريد والتدفئة وتسيير العشرات من الأجهزة المنزلية والإلكترونية مما يسهّل حياتنا ويجعلنا نتمتّع بإمتيازات لم تمتلكها الأجيال السابقة للبشر.
حسنا إذا كانت تكنولوجيا مثل الكهرباء تقدّم حلولًا لمشاكل البشر حتى أصبحت ضرورة حياتية فإن الخبر الجديد هو أننا لدينا الكثير من المشاكل الاخرى التي تتوّفر حلول تكنولوجية لها ولا نقوم بها، و تمّر برغم ذلك دون أي اعتراض.
إذا كان الكهرباء ضروري لإنارة المنزل فإّن تكنولوجيا البناء الجاهز بمقدوره حل مشكلة السكن وتكنولوجيا الزراعة المائية والعمودية بمقدورها مع تكنولوجيا البناء الجاهز إنهاء مشكلة الفقر والجوع مرة واحدة.
نحن نرى في يومنا هذا تظاهرات تخرج للمطالبة بتوفير الكهرباء لحل بعض مشاكلنا وهي مؤشرات على إدراكنا بأهمية التكنولوجيا في حياتنا ولكننا لا نرى بالمقابل مطالبات شبيهة لتوفير الغذاء والمسكن ولإنهاء الفقر باستخدام التكنولوجيا.
إنّ هذا يحدث في الغالب بسبب الأوهام السائدة لدى البشر بان طريقتنا في الحياة ونظام البيع والربح والنقود هو نظام أزلي وقانون للحياة لا ينبغي تغييره باتجاه إزالة العوائق أمام استخدام وتطبيق التكنولوجيا مباشرة في تحسين حياة البشر.
نحن بمقدورنا دفع فاتورة الكهرباء ولو كانت الفاتورة أعلى من قدرة العامة على دفعها، لكن استخدام هذا المكتشف الضروري قد اقتصر على الاغنياء مثله مثل حق السكن في منازل لائقة بالحياة في يومنا التي يتمتع بها الاغنياء فقط.
إنّ عدم قدرتنا على استخدام التكنولوجيا لتحقيق أعلى مستويات المعيشة للبشر كافة يرتبط مباشرة بالأوهام السائدة التي تقول بأننا إذا لم ندفع لا يحقّ لنا استخدام الشئ وبأننا نعيش بالمستوى الذي يتيحه لنا المال الذي لدينا وليس بالمستوى التي بإمكان التكنولوجيا اتاحته لنا. وهذا سبب عدم قدرتنا على إعادة بناء نظامنا الإجتماعي بما يجعل الإنسان هدفاً له، بدلًا من الربح والمال. فالنظام الاجتماعي الحالي ليس قائمًا بسبب مجموعة من الأشرار و الأثرياء الذين في الحكم والذين لا يتجاوز أعداهم واحد بالمئة من أفراد المجتمع.
فهؤلاء حتى إذا قاوموا التغيير يمكن تغييرهم اذا اقتنع نصف المجتمع بأنّ بمقدورنا اقامة جنة على الأرض لصالح الجميع ليس عن طريق سحق الاعداء الوهميين بل عن طريق تنظيم بيتنا من جديد وإقامة طريقة جديدة للحياة.
مصدر: زايتجايست العربية
للمشاركة في التعليقات