منذ طفولتي وأنا مولع بالتكنولوجيا ولهذا أعتقد أسباب هامة منها برنامج (جرافيك) الذي كان يبث على القناة الأرضية الثانية، ومعدّ ومقدم البرنامج كان يستعرض أحدث ما وصل إليه عالم التكنولوجيا وعالم الألعاب الرقمية، كان هذا البرنامج يؤخذني كآلة السفر عبر الزمن، حيث أنه كان بالكاد من يمتلك حاسوب في هذا الوقت.
السبب الثاني والدي، فقد اقتني كمبيوتر صخر في أثناء أدائه لفريضة الحج في نهاية الثمانينيات وأخذ عدة دورات في البيزيك والدوس وما إلى ذلك، واكتشفت هذا الجهاز حين أتاحه لنا الوالد في الاجازة الصيفية، واخبرني أن هناك لغات للحاسوب يمكنني من خلالها الاستفادة بتنفيذ أوامر أو بناء أكواد بسيطة تنفّذ لمهام مفيدة، وأن الحاسوب ليس للترفيه فقط، حفزني أيضًا للاطّلاع على كتيب دليل الاستخدام لحاسوب صخر وكتاب آخر عن أوامر بيزيك.
السبب الثالث (مجلة ماجد) كتبت بالتفصيل عن أثر هذه المجلة على نشأتي وكيف كانت من أفضل الأمور التي حدثت لي في الماضي، كان للمجلة قسم للتكنولوجيا وكنت اقرأه بشغف واهتمام كبير، وفي قسم المسابقة الأسبوعية هناك أسئلة تقنية وتكنولوجية وبالطبع كنت أشارك فيها.
مما سبق زاد اهتمامي بشكل كبير بالحاسوب، وكل عدد من مجلة ماجد يأخذني الفضول لموقع الإنترنت الخاص بهم ويا ترى ما شكله وماذا يقدمون من محتوى عليه؟ وكأي يافع الفضول كاد يقتلني لزيارة هذا الموقع، ولكن كيف ومن أين استطيع الحصول على كمبيوتر وإنترنت؟ ؟ لتصفح هذا الموقع الذي بات يغل تفكيري؟
انتقلت للمرحلة الاعدادية والفضول يزيد، كانت مدرستي في مدينة تبعد عن سكني ٢٠ كيلو متر، وقتها سمعت بالصدفة عن وجود إنترنت في هذه المدينة يوفره (كوفي نت – سايبر نت)، وقيمة حجز ساعة ١٢ جنيه، يا إلهي هذا الرقم كان يمثل أجر عامل (باليومية) يعمل ٨ ساعات كاملة
ومن هنا بدأت رحلة وخطة اقتصادية لمحاولة تحويش هذا المبلغ، واستطعت بالفعل بالنجاح وامتلكت ٨ جنيهات، وكانت الخطة حجز ٣٠ دقيقة لأنني لا أملك قيمة حجز ساعة كاملة للدخول على الإنترنت.
احتفظت بعنوان موقع مجلة ماجد على ورقة حيث وقتها لما تكن الهواتف المحمولة أو الذكية قد ظهرت.
أنهيت اليوم الدراسي مبكرًا (الخميس) لو لم تخني الذاكرة، واتجهت إلى (السايبر نت) وأخبرت المسؤول أنني أريد حجز ٣٠ دقيقة أرشدني إلى الحاسوب وبدأ العد التنازلي لوقت الإنترنت الذي امتلكه، مع الأخذ بعين الاعتبار أن نوع الاتصال بالإنترنت كان (دايل اب) ويعني ذلك انني امتلك اتصالًا بطيء جدًا.
كتبت العنوان في المتصفح وانتظرت صفحة بيضاء ظهرت وعلامة التحميل مستمرة لا يظهر شيء انتظرت أكثر لا يظهر شيء صفحة بيضاء وعلامة التحميل فقط، وفجأة ظهر لوجو مجلة ماجد ومازال الموقع يحمّل ولم يكتمل متبقي دقائق وينتهي حجزي، وللأسف انتهي الوقت والموقع مازال يحمّل.
أحبطت كثيرًا بسبب ما جرى، وفي ذات الوقت ضحكت بداخلي بسبب ان ما قمت بتوفيره من مال ذهب سدى وكيف مررت بصعوبات لتوفير هذا المبلغ الضخم بالنسبة ليافع مثلي، من أسرة بسيطة ومتوسطة الحال، ولكن تذكرت اثناء كتابتي لتلك التدوينة أنني حوّلت هذا الإحباط لدافع أكبر لمعاودة المحاولة ولكن بقدرة أكبر ومبلغ يكفي حجز لمدة ساعة كاملة.
هذا كل شيء حتى الآن
سأكمل هذه السلسلة بالتدريج
سؤال عابر هل تتذكّر أول دخول لك على الإنترنت؟ وأول موقع إلكتروني تصفحته؟ شاركني عبر التعليقات.