هذه التدوينه إهداء لصديق يعرف نفسه جيدًا😁، بل عدّة أصدقاء وسأعتبر نفسي منهم أيضًا، اليوم سوف أكتب عن متلازمة “الكمالية Perfectionism” وكيف تعاملت معها في آخر ٣ سنوات من عمري، وهي حسب تعريف عدّة مصادر:
هي سمة شخصية تتسم بكفاح الفرد لبلوغ الكمال ووضع معايير عالية جدًا للأداء، يصحبها تقييمات نقدية مبالغة للذات ومخاوف من تقييمات الغير. والأفضل تصويرها على أنها صفة متعددة الأبعاد، حيث اتفق علماء النفس على اشتمالها على العديد من الجوانب الإيجابية والسلبية. وفي صورتها السيئة التكيّف، تدفع الكمالية الأفراد لمحاولة تحقيق المثالية التعجيزية، وقد تدفعهم كماليتهم التكيفيّة في بعض الأحيان إلى الوصول لأهدافهم. وفي النهاية، يستمدون الشعور بالسعادة من فعلهم هذا. وعندما لا يستطيع الكماليون بلوغ أهدافهم، كثيرًا ما تصيبهم الكآبة.
قبل عدّة سنوات وأثناء عملي في أكثر من شركة، كانت أعاني من هذه المتلازمة وبالكاد تخلّصت منها مؤخرًا، بعد أن تعلّمت مبدأ البساطة والتجرّد (minimalism) نعم ساهم هذا المبدأ في التخلّص من الكمالية مع حالتي بعد تطبيقه في منزلنا وكتبت عن تجربة زوجتي وأنا في تطبيق المبدأ بشكل بسيط في هذه التدوينه: التجرّد والتبسيط Minimalism لماذا؟
دائمًا استخدام أي صفة\عاد\ بإفراط يكون ضررها على الإنسان أكثر من نفعها، والكمالية في العمل أو أمور الحياة سوف تؤخر الإنسان في إنجاز مهامه ومسؤولياته وتشعره بالتعاسة على سبيل المثال، كل يوم كنت أفكرّ لماذا استخدم قالب (تصميم) وورد بريس بسيط لماذا لا أجعله معاصر ومبهج وبه ألوان تجذب الزائر للاستمرار في قراءة ما أكتبه مثل منصّة كرميلا مثلًا، ولماذا لا أضيف كل الإضافات التي تساعد المدونة في الانتشار
وهل أكتب باللغة العربية الفصحى بشكل صحيح كل تلك الأمور كانت تؤخرني في التدوين اليومي الذي كنت أنوي بالمناسبة تطبيقه عام ٢٠١٩ ولكن كانت لدي تبعات هذه المتلازمة اللعينة وكنت أدوّن بشكل متقطّع، من يعرفني جيدًا سيجد أنني متابع نهم لمدونة أ. عبدالله المهيري، هذا الشخص الرائع تعلّمت منه البساطة في كل شيء حتى في التدوين
فلا داعي أن أقوم بكتابة تدوينه أراها من وجهة نظري مفيدة، ربما غيري حين يقرأها سوف تفيده أو حتى تسليه أجل لا بأس أن قام شخص بالتسلية بسبب قراءة تدوينه لي هذا سيجعلني أشعر بسعادة بالغة لا أمزح 🤗، وقد عانى البعض من زملاء العمل معي سابقًا بسبب تلك المتلازمة وسيطرتها علي بشكل كبير، استغرب عليهم كيف تحملّوني بهذه المتلازمة وأشكرهم على سعة صدرهم.
على الجانب العملي حين تسيطر هده المتلازمة على أصحاب الشركات الناشئة والمشاريع الصغيرة روّاد الأعمال في منطقتنا العربية فإن مشاريعهم لن ترى النور بأي شكل من الأشكال بسبب وجود عامل الكمالية وإننا لا نطلق مشروعنا إلا إن كان كاملاً لا توجد به أي عيوب أو أخطاء تذكر وهذه كارثة كبرى تتسبب في إهدار الوقت والموارد والمجهود للجميع
لذلك أنصحك بقراءة مبدأ الحد الأدني للمنتج أو المشروع ”Minimum Viable Product“ واختصاره MVP لخروجه للنور للجمهور المستهدف، وهذا المبدأ في إعتقادي يناسب جميع الأعمال وكتبت عنه حتى في بناء فريق تسويق رقمي يعمل عن بُعد في هذه التدوينة: ما تحتاجه لبناء فريق تسويق رقمي بنظام العمل عن بُعد
إذن الموضوع مهم ويوفر الوقت والمجهود ولا يقلل من الجودة والإتقان بأي شكل بالعكس تمامًا، كما أنه يقوم بتحصينك من الإصابة بالاكتئاب إن لم تحقق الهدف بشكل كامل كما تصوّرت بسبب تلك المتلازمة، فأنا لا أصنع لبن العصفور أو ابتكر مبدأ عجين الفلاحة (جملة دارجة في مصر) للتعجيز.
نصائح مختصرة مما سبق:
ابدأ بتبسيط الأمور بشكل عام في حياتك.
لا تقارن نفسك بالآخرين، هذا فخ من فخوخ الوصول للكمالية والمثالية.
ليست كل النصائح عن المثالية مفيدة بل أحيانًا تكون تعجيزية.
طبقّ ما سبق ذكره بالأعلى بالتدريج وليس مرّة واحدة.
بالتدريج سوف تتخلّص من هذه المتلازمة في عملك وحياتك.
تحدّث عن هذه المتلازمة مع أصدقائك وأقاربك، بعد تخلّصك منها حتى تفيد الآخرين.
تحديث: فيديو مرتبط بالمتلازمة رشحه أحد الأعضاء في مجتمع Hsoub I/O فشكرًا له، مشاهدة ممتعة!
? روابط:
- الكماليةُ ( فرطُ الإتقان ) وعدمُ الاكتمال
- الأرشيف للمجلات الأدبية والثقافية العربية مشروع من شركة صخر
- فيديو من شخص يوثق تركه للشبكات الاجتماعية لمدّة ٣٠ يومًا
- سفراء اللغة العربية
هذا كل شيء.
مصدر الصورة
يقول Reid Hoffman أحد مؤسّسي شبكة “لينكدأن” Linked: “إذا كان مُنتجك كامل، فأنت تأخّرت مُسبقًا على السوق”، البحث عن الكمال قد يُضيع فرصة خصوصًا بالنسبة للشركات الناشئة.
https://twitter.com/reidhoffman/status/847142924240379904
شكرًا صديقي فراس أتفق تمامًا مع ذكرته من اقتباس، لذا أطلق مشروعك وسوف تقوم بتحديثه بناء على المشاكل التي بدأت في الظهور أو التي راسلك العملاء بخصوصها، الأمر بسيط التعقيد هو ما يجعل معظم المشاريع تموت قبل أن تظهر حتى للجمهور.